أعيريني ... يا ذاتَ الصَّفاءِ والنَّقاء
=====================
د/ صفية الودغيري
... 1 ...
أَعِيرينـي .. بسَمتَـكِ
تحمِـلُ عنِ القلـبِ الوَجَع
تُشْفِـيه من شَقاوَةِ الـرُّوح
تكونُ بلسمًا يرتِّقُ جُرْحًـا
سَقـي أديــمَ الأرض
بدِمـاءِ الأحـرار ..
... 2 ...
أَعِيرينـي .. قبسًـا مِـنَ الضَّوء
أو شمعَةً في الظلُّمَةِ تُحْرِقُ الخوف
أو ارْتِشافاتٍ تُحَلِّـي النَّكْهََة المُرَّة
تذيبُنـي .. قطـرةً .. قَطْـرة
فـي محيطِ دواةِ الحِبْرِ المُعَتَّـق
تكْتُبُنِي .. فكْـرَةً باهِرَةَ النُّطَـق
لم تَطُفْ باعْتيادٍ حولَ مدارِ الفِكْر
تكْتُبُنِي .. كلماتٍ ذاتِ مَعْنى ومَغْزى
تشدُّكَ قَسْـرًا إلـى أَقْصَـى مَـدَى
يضُمُّهـا اللِّسـانً رذاذًا وانْعِتاقًــا
تسْحَرُ لُـبَّ اللَّبيب ومَنْطِقَ الرّشيد
... 3 ...
أَعِيرينـي .. خُطـًا رشيقَـة
آثارُهـا علـى المـروجِ تتدفَّـق
صَداها تغاريـدٌ في القلبِ تتَـرَدَّد
كلمـاتٍ ..
لم يسْبـق لي أن قُلْتُهـا جَهْـرًا
هي لآلِـئٌ فـي محَّارِها لم تُكْسَر
غاصَتْ بين السَّنابلِ والرَّبيعِ الحُلَْو
أعـادَت ذاكََ البريـقَ والصِّبـا
إلـى مَثْـوَى الأرض ..
يا لِهَـذِهِ الرُّؤى حَيَّرَتْني ما أَحْلاها
اكْتَنَـزَتْ جاذِبِيَّـةَ العينِ والنَّبض
... 4 ...
أَعِيرينـي .. الرَّفيقَ علـى الدَّرْب
كونـي كمـا بالأمـسِ القريـب
نِبْراسَ الأوطـانِ والقلـب ..
كونـي سلامـًا هَفْهافـًا ..
حِسّـًا مشبوبـًا بالحَنيـن ..
وبأَشْواقٍ تهبُّ هُبوبَ رياحِ الجِبـال
كوني النَّسيمَ العَليلَ ودِفْءَ الأرض
وأَعيدي للخَفَقانِ الُمَتَنفَّسَ النقيَّ والهَواء
كونـي للمـروجِ .. الخُضْـرَة ..
وللمنابِـعِ الثّـَرَّةِ .. السَّقــاء ..
وللطبيعـةِ .. الرَّوْنَقَ والبَهـاء ..
كونـي للسَّماءِ هُطولَ خيرٍ وعَطـاء
ومَنْبتًا خَصيبًا .. للأرضِ الجَدْبــاء
وأعيدي للأرواحِ النَّضارَةَ ومَعْنى الجَمال
... 5 ...
أَعِيرينـي .. لـذَّةَ الإحسـاسِ الرَّهيف
وطَرَقـاتِ النَّبْـضِ الرَّفيف ..
كونـي للنُّفوسِ المَرْضى فَرْحَـةَ الأعيـاد
أَيْقِظي شَرفَ الضَّمائِرِ وصَوني الأَعْـراض
ابْعَثِي أصولَ النَّخْوةِ والكرامَةِ وعِزَّ الرِّجال
وطلاقَـةَ الوُجـوه .. ولطافَـةَ الأَجْـواء
أَطْلِقـي سراحَ بناتِ الأحـْرارِ الأَشْـراف
ارْفَعـي الهاماتِ .. والرَّايات في العَلْيـاء
هُـزِّي شمـوخَ الجبـال ..
فقد جَنَـتْ عليهـا العِـدى وأيْـدٍ رَعْناء
ونشَبَـتْ أظافِرَهـا فـي كـلِّ الأرْكـان
سَرَقََـت العَتـادَ والـزَّاد ..
اقْتلعَـتْ عِـرْقَ النّـُورِ الوَهَّـاج ..
اجْتثَّـتْ أَصْـلَ الجِـذْرِ الحُـرَّ النَّبـات
أرسلَتْ مناجِلَ الحَصادِ فـي كـلِّ الفِجاج
مزَّقَتْ بنودَ العَهودِ وخانَتْ مَواثيقَ الوَفاء
قطَعَـتْ صِلَـةَ الأرحـامِ ..
ووَصْلَ الأَحِبَّةِ والأَصْحاب ..
فَصَلَـتْ عنِ الشِّرْيـانِ فَـوْرَةَ الدِّمـاء
تمرَّغَـتْ بالوَحْـلِ وذرَّاتِ التُّــراب
تَلَّتْ جبينَ الكَرامةِ تجاوَزَتْ حَدَّ الإِبـاء
زَلَّتْ بأقدامِها َفهَوتْ لمنْتَهَى السَّفحِ والقاع
... 6 ...
خلعََـتْ عنها السِّدافََـةَ ..
هتكَتْ السَّجْفَ والخِباء ..
تشَتَّتَتْ عُرى الشُّعوبِ الكِرام ..
هامَوا في كلِّ وادٍ وتفرَّقَ ذاكَ الإِخـاء
تدرَّجَتْ أثوابُ الطُّهْرِ وخَمائِلُ العََفاف
تمَزَّقََـتْ فـلَذاتُ الأَكْبـاد ..
ضاعَـت ..
كما ضاعَت هُوِيَّةُ الدِّماء والأَحْـلاف
وتلكَ الرُّبـى ..
مـا عـادَتْ كما بالأمـسِ عامـرةً
صارت عروشُها وسَنابِلُهـا خَـواء
فـلا زَهْـرًا فَوَّاحـًا يتهـادَى ..
ولا نَدى يَـرْوِى البراعِمَ والأَوراق ..
ولا سِـدْرًا فـي الفــلاة ..
ولا جِدْعًا َرَطَْبَ الأغْصان ..
ولا أشجـارًا فَيْحـاء ..
ولا نَخْلاً أَبْلَحَ الثِّمـار ..
أيـن تلـكَ العيـونُ العِـذاب ؟؟
اليـومَ ..
نضَبَت في مجاريها الثَّرثارَةَ الِمياه
وتوقَّحَتِ الأغصانُ الغضَّةُ النَّبات
أين ذاكَ الظِّلَّ الشَّفيفُ وتلكَ الظِّـلال ؟؟
والأرضُ السَّليبَـةُ عامرةً بالأشْـواك
امتدَّت رؤوسُها بلغََت عنانَ السَّمـاء
... 7 ...
أَعِيرينـي .. يا ذاتَ الصَّفاءِ والنَّقاء
روحـًا شفيفًا .. ونفْسـًا عَصْماء
وخَيـالاً رائِقًـا ..
أَشْرِقـي اللَّحْظَ بزينَةِ الأَعْـراس
وبذاتِ الحُسْـنِ والخِـلال ..
شامـةٌ .. ووَشْمُها الحيـاء ..
شرقيَّـةٌ .. عربيَّـةٌ .. مسلمـةٌ
ولبقيَّـةِ الأديانِ والمذاهِبِ أمـان
وتسامُـحًا .. وسـلام
هي دُرَّةُ المجالسِ ناصِعَةَُ البياض
هـي رَوَى القلـوبِ العِطـاش
هي فَيْضُ الحُبِّ .. عنوانُ الوِئام
... 8 ...
أَعِيرينـي .. طُهْـرَ الأرضِ
أَعْتِقـي شمـوخَ الأوطـان
وما تبقَّى من سِنْرٍ وحَيـاء
أقيمي قواعِـدَ البناء وسَواريًّا عِتاد
وبيوتـًا تأوي عابـري السبيـل
ومشـرَّدي السَّكنِ والإِواء ..
وأخبيةً وخيامًا ولو من وَبَرِ الجِمال
وحصونـًا مجهَّزَةً بالعُدَّةِ والعَتـاد
يحمي حِماها ويذودُ عنها عِزُّ الرِّجال
... 9 ...
أَعِيرينـي .. القلـبَ الرَّحيـب
وطَلعَـةَ القمـرِ الرهيـف ..
يطلُّ علـى الوجـهِ الوضـيء
وإشْراقَ الشمسَ قبل المغيب ..
واقْتَرِبي من ذاكَ الشَّفقِِ البعيـد
ليضـمَّ قلوبَنا الخافقةَ الـوداد
افتحـي لنا .. طريقـًا ممَدَّدًا
مهمـا اختلفَـتِ الوجوهُ والألـوان
والرُّؤى .. والأفكار ..
والمنْطِقُ .. واللسان ..
والدين .. والمذهب ..
وشردتنـا الحروبُ في أَقْصى البلاد
ومهمـا تاهَـتْ بنا النِّعـال ..
ونَضِجَـت جلـودُ الأقْـدام ..
وتأَوَّهَت الأصوات وصرخاتُ الأنَّات
فـي طريقٍ مِلْـؤُهُ مهالكٌ وأشـواك
افْتحـي لنـا .. صـدرًا حنونـًا
يحْتوينـا بضمَّـاتٍ تصْهَرُ الأرواح
وحُلُمـًا عربيًّـا أصيـلاً يوحِّـدُنا
قريـبَ المَنـال ..
وازْرَعينـا تحتَ ظِلالٍ صَفْصافَـة
... 10 ...
أعيرينـا حقـولاً زكيَّـةَ النَّمـاء
تمـوجُ بسنابـلِ القمـحِ الغـضِّ الطَّـري
نعُـبُّ منهـا ونرْتـوي ..
ونطْعِـمُ بطـونًا تيبَّسَـتْ فيهـا الأمعـاء
واسْقِـنا فيضـًا كبيرا يروي عَطَشَ الظَّمـآن
فقد جاعََـت أمَدًا بعيدًا وفقدْت نَبْضَ الحيـاة
ويدُ الحاصِـدِ ما فَتِئَتْ تغْتَصِبُ كـلَّ أرْضٍ
لا ترتَـوِي ولا تشبـعُ من سَفْـكِ الدِّمـاء
تقتلع بمِنْجَلِهـا مـا تبقَّـى مـن رغيـفٍ
وتمْتَصُّ حتى الثُّمالَـة لُقْمَةَ العَيْشِ والـزَّاد
حتى اسْتحالَت دموعُ المَكْدودين جَمَـراتٍ
في مآقيها تحترِقُ وتنفُثُ لهيبـًا ودخَّـان
تقلِّبُ كَفَّيْهـا .. ليس إلاَّ عَصْفَ حِرْمـان
وبُؤْسِ .. وجوعٍ .. وعَطَشَ سِنينٍ عِجاف
وخلجاتٍ .. شحَّتْ في أيْدي القُساةِ الجُفـاة
ومـا فـي جَيْبِهـا سَطَتْ عليـه الجُنـاة
وذهَـبَ فـي مهَـبِّ الرِّيـاح ..
لقـد هانُُـوا علـى الرُّحَمـاء والبُخَـلاء
فلا صوتًا لهم يُسْمَعْ ولا صرَخاتٍ تُُجاب
أعيرينـا .. أيَّتُها الحـرَّةُ بنتُ الأحْـرار
وجودًا حرًّا أبيًّـا .. وجـودًا كريمًا شريفًـا
أعيرينـا أطيافًا .. في هذا الكـونِ الطَّلـيق
يعيدُ لأوطانِنا بشاشَةًَ وفرحةَ اللِّقاءِ والانْتِصار
بقلمي ... 5 / 2 / 2014م
=====================
د/ صفية الودغيري
... 1 ...
أَعِيرينـي .. بسَمتَـكِ
تحمِـلُ عنِ القلـبِ الوَجَع
تُشْفِـيه من شَقاوَةِ الـرُّوح
تكونُ بلسمًا يرتِّقُ جُرْحًـا
سَقـي أديــمَ الأرض
بدِمـاءِ الأحـرار ..
... 2 ...
أَعِيرينـي .. قبسًـا مِـنَ الضَّوء
أو شمعَةً في الظلُّمَةِ تُحْرِقُ الخوف
أو ارْتِشافاتٍ تُحَلِّـي النَّكْهََة المُرَّة
تذيبُنـي .. قطـرةً .. قَطْـرة
فـي محيطِ دواةِ الحِبْرِ المُعَتَّـق
تكْتُبُنِي .. فكْـرَةً باهِرَةَ النُّطَـق
لم تَطُفْ باعْتيادٍ حولَ مدارِ الفِكْر
تكْتُبُنِي .. كلماتٍ ذاتِ مَعْنى ومَغْزى
تشدُّكَ قَسْـرًا إلـى أَقْصَـى مَـدَى
يضُمُّهـا اللِّسـانً رذاذًا وانْعِتاقًــا
تسْحَرُ لُـبَّ اللَّبيب ومَنْطِقَ الرّشيد
... 3 ...
أَعِيرينـي .. خُطـًا رشيقَـة
آثارُهـا علـى المـروجِ تتدفَّـق
صَداها تغاريـدٌ في القلبِ تتَـرَدَّد
كلمـاتٍ ..
لم يسْبـق لي أن قُلْتُهـا جَهْـرًا
هي لآلِـئٌ فـي محَّارِها لم تُكْسَر
غاصَتْ بين السَّنابلِ والرَّبيعِ الحُلَْو
أعـادَت ذاكََ البريـقَ والصِّبـا
إلـى مَثْـوَى الأرض ..
يا لِهَـذِهِ الرُّؤى حَيَّرَتْني ما أَحْلاها
اكْتَنَـزَتْ جاذِبِيَّـةَ العينِ والنَّبض
... 4 ...
أَعِيرينـي .. الرَّفيقَ علـى الدَّرْب
كونـي كمـا بالأمـسِ القريـب
نِبْراسَ الأوطـانِ والقلـب ..
كونـي سلامـًا هَفْهافـًا ..
حِسّـًا مشبوبـًا بالحَنيـن ..
وبأَشْواقٍ تهبُّ هُبوبَ رياحِ الجِبـال
كوني النَّسيمَ العَليلَ ودِفْءَ الأرض
وأَعيدي للخَفَقانِ الُمَتَنفَّسَ النقيَّ والهَواء
كونـي للمـروجِ .. الخُضْـرَة ..
وللمنابِـعِ الثّـَرَّةِ .. السَّقــاء ..
وللطبيعـةِ .. الرَّوْنَقَ والبَهـاء ..
كونـي للسَّماءِ هُطولَ خيرٍ وعَطـاء
ومَنْبتًا خَصيبًا .. للأرضِ الجَدْبــاء
وأعيدي للأرواحِ النَّضارَةَ ومَعْنى الجَمال
... 5 ...
أَعِيرينـي .. لـذَّةَ الإحسـاسِ الرَّهيف
وطَرَقـاتِ النَّبْـضِ الرَّفيف ..
كونـي للنُّفوسِ المَرْضى فَرْحَـةَ الأعيـاد
أَيْقِظي شَرفَ الضَّمائِرِ وصَوني الأَعْـراض
ابْعَثِي أصولَ النَّخْوةِ والكرامَةِ وعِزَّ الرِّجال
وطلاقَـةَ الوُجـوه .. ولطافَـةَ الأَجْـواء
أَطْلِقـي سراحَ بناتِ الأحـْرارِ الأَشْـراف
ارْفَعـي الهاماتِ .. والرَّايات في العَلْيـاء
هُـزِّي شمـوخَ الجبـال ..
فقد جَنَـتْ عليهـا العِـدى وأيْـدٍ رَعْناء
ونشَبَـتْ أظافِرَهـا فـي كـلِّ الأرْكـان
سَرَقََـت العَتـادَ والـزَّاد ..
اقْتلعَـتْ عِـرْقَ النّـُورِ الوَهَّـاج ..
اجْتثَّـتْ أَصْـلَ الجِـذْرِ الحُـرَّ النَّبـات
أرسلَتْ مناجِلَ الحَصادِ فـي كـلِّ الفِجاج
مزَّقَتْ بنودَ العَهودِ وخانَتْ مَواثيقَ الوَفاء
قطَعَـتْ صِلَـةَ الأرحـامِ ..
ووَصْلَ الأَحِبَّةِ والأَصْحاب ..
فَصَلَـتْ عنِ الشِّرْيـانِ فَـوْرَةَ الدِّمـاء
تمرَّغَـتْ بالوَحْـلِ وذرَّاتِ التُّــراب
تَلَّتْ جبينَ الكَرامةِ تجاوَزَتْ حَدَّ الإِبـاء
زَلَّتْ بأقدامِها َفهَوتْ لمنْتَهَى السَّفحِ والقاع
... 6 ...
خلعََـتْ عنها السِّدافََـةَ ..
هتكَتْ السَّجْفَ والخِباء ..
تشَتَّتَتْ عُرى الشُّعوبِ الكِرام ..
هامَوا في كلِّ وادٍ وتفرَّقَ ذاكَ الإِخـاء
تدرَّجَتْ أثوابُ الطُّهْرِ وخَمائِلُ العََفاف
تمَزَّقََـتْ فـلَذاتُ الأَكْبـاد ..
ضاعَـت ..
كما ضاعَت هُوِيَّةُ الدِّماء والأَحْـلاف
وتلكَ الرُّبـى ..
مـا عـادَتْ كما بالأمـسِ عامـرةً
صارت عروشُها وسَنابِلُهـا خَـواء
فـلا زَهْـرًا فَوَّاحـًا يتهـادَى ..
ولا نَدى يَـرْوِى البراعِمَ والأَوراق ..
ولا سِـدْرًا فـي الفــلاة ..
ولا جِدْعًا َرَطَْبَ الأغْصان ..
ولا أشجـارًا فَيْحـاء ..
ولا نَخْلاً أَبْلَحَ الثِّمـار ..
أيـن تلـكَ العيـونُ العِـذاب ؟؟
اليـومَ ..
نضَبَت في مجاريها الثَّرثارَةَ الِمياه
وتوقَّحَتِ الأغصانُ الغضَّةُ النَّبات
أين ذاكَ الظِّلَّ الشَّفيفُ وتلكَ الظِّـلال ؟؟
والأرضُ السَّليبَـةُ عامرةً بالأشْـواك
امتدَّت رؤوسُها بلغََت عنانَ السَّمـاء
... 7 ...
أَعِيرينـي .. يا ذاتَ الصَّفاءِ والنَّقاء
روحـًا شفيفًا .. ونفْسـًا عَصْماء
وخَيـالاً رائِقًـا ..
أَشْرِقـي اللَّحْظَ بزينَةِ الأَعْـراس
وبذاتِ الحُسْـنِ والخِـلال ..
شامـةٌ .. ووَشْمُها الحيـاء ..
شرقيَّـةٌ .. عربيَّـةٌ .. مسلمـةٌ
ولبقيَّـةِ الأديانِ والمذاهِبِ أمـان
وتسامُـحًا .. وسـلام
هي دُرَّةُ المجالسِ ناصِعَةَُ البياض
هـي رَوَى القلـوبِ العِطـاش
هي فَيْضُ الحُبِّ .. عنوانُ الوِئام
... 8 ...
أَعِيرينـي .. طُهْـرَ الأرضِ
أَعْتِقـي شمـوخَ الأوطـان
وما تبقَّى من سِنْرٍ وحَيـاء
أقيمي قواعِـدَ البناء وسَواريًّا عِتاد
وبيوتـًا تأوي عابـري السبيـل
ومشـرَّدي السَّكنِ والإِواء ..
وأخبيةً وخيامًا ولو من وَبَرِ الجِمال
وحصونـًا مجهَّزَةً بالعُدَّةِ والعَتـاد
يحمي حِماها ويذودُ عنها عِزُّ الرِّجال
... 9 ...
أَعِيرينـي .. القلـبَ الرَّحيـب
وطَلعَـةَ القمـرِ الرهيـف ..
يطلُّ علـى الوجـهِ الوضـيء
وإشْراقَ الشمسَ قبل المغيب ..
واقْتَرِبي من ذاكَ الشَّفقِِ البعيـد
ليضـمَّ قلوبَنا الخافقةَ الـوداد
افتحـي لنا .. طريقـًا ممَدَّدًا
مهمـا اختلفَـتِ الوجوهُ والألـوان
والرُّؤى .. والأفكار ..
والمنْطِقُ .. واللسان ..
والدين .. والمذهب ..
وشردتنـا الحروبُ في أَقْصى البلاد
ومهمـا تاهَـتْ بنا النِّعـال ..
ونَضِجَـت جلـودُ الأقْـدام ..
وتأَوَّهَت الأصوات وصرخاتُ الأنَّات
فـي طريقٍ مِلْـؤُهُ مهالكٌ وأشـواك
افْتحـي لنـا .. صـدرًا حنونـًا
يحْتوينـا بضمَّـاتٍ تصْهَرُ الأرواح
وحُلُمـًا عربيًّـا أصيـلاً يوحِّـدُنا
قريـبَ المَنـال ..
وازْرَعينـا تحتَ ظِلالٍ صَفْصافَـة
... 10 ...
أعيرينـا حقـولاً زكيَّـةَ النَّمـاء
تمـوجُ بسنابـلِ القمـحِ الغـضِّ الطَّـري
نعُـبُّ منهـا ونرْتـوي ..
ونطْعِـمُ بطـونًا تيبَّسَـتْ فيهـا الأمعـاء
واسْقِـنا فيضـًا كبيرا يروي عَطَشَ الظَّمـآن
فقد جاعََـت أمَدًا بعيدًا وفقدْت نَبْضَ الحيـاة
ويدُ الحاصِـدِ ما فَتِئَتْ تغْتَصِبُ كـلَّ أرْضٍ
لا ترتَـوِي ولا تشبـعُ من سَفْـكِ الدِّمـاء
تقتلع بمِنْجَلِهـا مـا تبقَّـى مـن رغيـفٍ
وتمْتَصُّ حتى الثُّمالَـة لُقْمَةَ العَيْشِ والـزَّاد
حتى اسْتحالَت دموعُ المَكْدودين جَمَـراتٍ
في مآقيها تحترِقُ وتنفُثُ لهيبـًا ودخَّـان
تقلِّبُ كَفَّيْهـا .. ليس إلاَّ عَصْفَ حِرْمـان
وبُؤْسِ .. وجوعٍ .. وعَطَشَ سِنينٍ عِجاف
وخلجاتٍ .. شحَّتْ في أيْدي القُساةِ الجُفـاة
ومـا فـي جَيْبِهـا سَطَتْ عليـه الجُنـاة
وذهَـبَ فـي مهَـبِّ الرِّيـاح ..
لقـد هانُُـوا علـى الرُّحَمـاء والبُخَـلاء
فلا صوتًا لهم يُسْمَعْ ولا صرَخاتٍ تُُجاب
أعيرينـا .. أيَّتُها الحـرَّةُ بنتُ الأحْـرار
وجودًا حرًّا أبيًّـا .. وجـودًا كريمًا شريفًـا
أعيرينـا أطيافًا .. في هذا الكـونِ الطَّلـيق
يعيدُ لأوطانِنا بشاشَةًَ وفرحةَ اللِّقاءِ والانْتِصار
بقلمي ... 5 / 2 / 2014م
0 التعليقات:
إرسال تعليق
دام الابداع والرقي فى التواجد نسعد دائماً بعطر تواجدكم