مجله أدبيه؛ثقافيه؛إجتماعيه ؛شامله.. .

‏سعاد الزامك‏ @@@القادم العنيد

القادم العنيد
*********
جلس إلى منضدته و أمسك القلم و فتح دفاتره القديمة ، أطل منها شبح الماضي مبتسماً يُقبل جبهته و يمسح الدموع التي تساقطت على وجنتيه . استدار الماضي فرأى وجه الحاضر الكئيب فصفعه صفعة مدوية تردد صداها فملأ حدود الحزن الكامن في فضاء حياته .
تحدى الماضي أن يستطيع الحاضر محوه من الوجود فتعالت ضحكات الحاضر ساخراً منه ، حاول كل منهما فرض وجوده و بقاءه الدائم . ضربا الخيام و صدح نفير الحرب ، امتطي الماضي جواد الذكريات ، امتطى الحاضر فرس الأمنيات ، تعالت قعقعات سيوفهما ، طرح الكبرياء سياجاً من الأسلاك الشائكة حولهما . لا زالا في اقتتال شديد ما بين كر و فر حتى أُنهكت قوتهما فعاد كل منهما إلى خيمته حتى يحين بزوغ فجر جديد .
في ثاني أيام لقاءهما سمعا صهيل قادم من الأفق البعيد ، أخذ صوت وقع أقدامه يتعالى أكثر فأكثر . دخل الفارس القادم من خلف المجرة ، كان بهاءه يباري البدر ذي الرابع عشر ، مرتدياً رداء بلوري ، على جبينه تاج محلى بجميع أنواع الأحجار الكريمة من تفاؤل و أمل و كبرياء و أحلام ، يفوح منه عطر غير مميز يجمع بين الطيبة و الحب و الرُقي .
أشاح القادم العنيد بوجهه المتلألئ صبابة صوبهما ، و قد أنهكهما التناحر و أثخنتهما الجراح . لوح لهما برايته البيضاء معلناً إنتهاء المعركة ثم أمرهما بالإنسحاب بسلام . تقهقر الماضي و الحاضر إجلالاً للقادم الجديد ، و إنحنيا للمستقبل صاحب الجلالة كي يتربع مشرقاً على عرش الكون .
بقلم
سعاد الزامك
شاركها في جوجل+

عن Unknown

0 التعليقات:

إرسال تعليق

دام الابداع والرقي فى التواجد نسعد دائماً بعطر تواجدكم