قـــراءة تأويلــية بقلم هدير البحر ( تونس)
لقصيدة عامية "من أنا؟؟" بقلم الشاعر المصري محمد صبري
قصيدة ( عامية رائعة ) رحلة البحث و استكشاف الذات فيستهلها شاعرنا بالتساؤل عن الأنا؟ و منذ البداية ندرج هذا الطرح في خانة الأطروحات الوجودية الذهنية حيث البطل الوجودي يشد الرحال للبحث و ملاحقة ذاته و التعرف عليها ......و هذا يفترض أننا نجهل ذواتنا على الأقل لا نعرف مكنوناتنا ...و قديما قال سقراط الفيلسوف العظيم" أعرف أني لا اعرف شيئا" ........
و دعانا لمعرفة ذواتنا قائلا" إعرف نفسك بنفسك "...هذه المهمة هي بالفعل شاقة و عصية على المفكر . و هذا ما أخذه الشاعر على عاتقه ليتعرف على ذاته . فمن هو إذن ؟؟...من أنـــــا؟ و هذا البحث في الحقيقة في مضمونه له رهانين أولا معرفة الذات لذاتها و الوقوف على ما به تكون كذات قائمة في الوجد و العالم و هو ما يسمى لحظة إكتشاف الذات بالمعنى الهيجلي.....و لحظة ثانية هي لحظة و تلي الأولى ضرورة هي إنكشاف الذات للآخرين و للعالم..... فكيف إستطاع الشاعر القيام بهذه الرحلة الشاقة البحث عن الحقيقة و معرفة ذاته .........رحلة التعرف و الحقيقة ان صح القول و هذا فلسفيا ما يتوق اليه المفكر ...و أول إجابة هي التالية قائلا
: أنا "آخر نهاياتي
تجي أول بداياتي.."
هذا التعريف للأنا من قبل صاحبها : يدعونا للتوقف و النظر منتهى الإبداع حينما نجد هذه يقدم النهاية على البداية من ناحية و من ناحية ثانية البطل الوجود و هو يخوض بنا رحلة شاقة يقدم لنا تديدين في قمة التناقض و هي البداية و النهاية و كاننا في رحلة استرداية من النهاية نحو البداية من الآني ؛ الحاضر نحو الماضي ...فنحن سنتعرف عليه بينهما بل في آخر نهاياته تاتي بداياته ...منتهى الروعة و منتهى التمرد على الزمن و التسلسل المألوف في البدء بالبدايات .........هذه الأنا آتية من أوجاع و أهات الزمن .......مثخنة بالجراح و الدموع و الهم ......فبطلنا في صراع و مواجهة مع الزمن و الحياة و هذه معركة الإنسان في الوجود ...فيتجلى لنا البعد التشاؤمي للقصيدة . مما يحيلنا على ارهاق الذات و احباطها . هذه المعاناة الوجودية ترسم لنا صورة مأساوية يائسة ...دمرت حياة الذات و آمالها ...فهي صرح الألم و الحزن ......صرخة اليمة ... و قد أبداع الشاعر في مراوحته بين التناقضات لنفهم الأنا و مدى توترها و تبعثرها في هذا العالم و نحن نعلم أن البطل الوجودي كما مع الفلسفة الوجودية هو هذا الكائن الذي يلقى في الوجود و هو مطالب بتحديد مصيره و رسم مشروع وجودته بلغة جون بول سارتر..........الظلمة و الإضاءة ..استثمر ذلك بدقة رائعة ( الشمس -البدر - النور -شمعاتي ) كلها في سبيل التغلب على الصمت و انكسار الذات و قتامتها ......فنصل الى ذروة المعاناة و المأساوية ........و الإحباط...و التشاؤم..... حينما يُقتل داخل الذات و يغتال البوح و الكلمة و الصدق ...يتحطم عنفوانها و إقبالها على الحياة .........فماذا تكون الأنا؟؟ غير حطام إنسان عصفت به الأوجاع و النوائب تداهمه من كل حدب و صوب ...و يواصل شاعرنا نزيف قلبه و نبض وجدانه ترافقه آهاته و أوجاعه ... كما تجدر الإشارة الى عنصر الزمن و الزمنية فنحن كائنات متزمنة في الزمن الذي يخترقنا من الداخل و يمارس علينا سلطته و هذا ما يحيلنا إليه الشاعر من خلال قوله:
" تجاوزت الزمن لعل اللي
رحل.. عنى ... يأتي
تخطيت العمر بدرى....
وضاعت منى أوقاتي "
هذا العزف على الزمن و المسافات أبدع في رسمه شاعرنا الموهوب .....تجاوزه للزمن كيف يكون اذن؟؟؟ إذا لم يكن بالطموح و الأمل رغم التشاؤم الطاغي على القصيدة فان الأمل يبقى بصيص ينبثق في ثنايا الماساة ....و نستشف حسرة من الشاعر عما ضاع منه من حياة و عمر دون ان ينال مبتغاه و خاصة رسمه للفكر و تأملاته على دفاتره و نبض حرفك ...و ربما يكون التساؤل أعمق لأن الطرح هنا ليس طرحا فرديا بقدر ما هو طرح إنساني كلي أي يهمنا جميعا( يمثل قاسم مشترك بيننا) .... فكل منا مطالب بتحديد مصريه و رسم مشروع وجوده ...هذا المنحى فينومينولوجي وجودي ...مفعم بثقل الإنسان في الوجود و الواقع ........ فاذا كانت الحياة تشرف بنا على الضياع و التيهان .....و اللامعنى فما الجدوى منه ؟؟ ما قيمتها ؟؟ ..ما الجدوى من أن نعيش حياة تدمرنا و تشرف بنا على العدمية ؟؟؟؟؟؟؟؟و هنا يستحضرني سؤال المفكر الفرنسي ألبار كامو " هل الحياة جديرة بأن تعاش؟؟....... اذا كانت سيزيفية مدمرة ...هل نتكلم عن ذات عن إنسان أم عن حطام انسان مشتت و تتقاذفه المصائب و تستنزفه الأوجاع؟؟ من كل حدف و صوب أينما يولي وجهه يجد المعاناة . و يواصل شاعرنا تعريف ذاته و لكن بشكل طريف و رائع فيعود للتساؤل من أنا؟؟ و هي قصيدة مغلقة انتهت بنفس البداية ...و هذه الحيرة الوجودية في أرقى معانيها و معاناتها... و كما اشرنا سابقا ينبجس الأمل حينما يعتبر أنه الآتي ...في الغد البعيد ........فلم تكتمل معرفتنا بذواتنا لم يكتمل و لا تتوقف روح التجدد و الأمل ..........كما لا يتوقف نبض الإنسان في الوجود و الحياة ...فلا نبلغ معرفة نهائية بالانسان و هو هذا الكائن الزئبقي كلما حاولنا تحديده ينفلت منا و نعيد البحث من جديد...... رحلة وجودية كونية للانسان في الوجود و في معانقة للذات و إمكاناتها...منتهى الشكر لك استاذنا الفاضل وأارجو ان تتقبل قراءتي المتواضعة و تتضمنه من تأويلات أرجو قد وفقت في ملامسة و لو جزء بسيط مما تحمله قصيدته من نبض و بوح ...و الأكيد نحن في الإنسانيات لا يكون التأويل إلا نسبي جدا ...
لك مني كل التقدير أستاذنا الفاضل محمد صبري.
قصيدة الشاعر: محمد صبري
.......................
من أنا ؟؟
**
**
أنا آخر نهاياتي
تجي أول بداياتي
وأنا اللي من صميم الجرح
وآهات الزمن آتي
تركت بآخر حدود الهم بعضي
وبعضى ظل في ذاتي
بنيت من الألم صرح... عالى
يحكم معاناتي
تطل الشمس من شباك عيني
لجل يدفي النور دمعاتي
تغيب الشمس عن جدران قلبي
أقوم أشعل آاااااه شمعاتي
يطل البدر يبهر وجد قلبي
وصمت أهاتى
يغيب البدر ينكسر قلبي ..
ويقتل بوحي.. سكاتي
تجاوزت الزمن لعل اللي
رحل.. عنى ... يأتي
تخطيت العمر بدرى....
وضاعت منى أوقاتي
تحياتي
أنا الراجع مسافة...مابقيت
أعرف مسافاتي
أنا الطامع كفافه في وصول
أدنى قناعاتي
أنا الماضي التليد اللى
سجنته في كتاباتي
أنا الغد البعيد اللي عتقته
بيد أبياتي
أنا مافى.... أنا لكن
أنا الآتي
تحياتي تحياتى تحياتى !!
لقصيدة عامية "من أنا؟؟" بقلم الشاعر المصري محمد صبري
قصيدة ( عامية رائعة ) رحلة البحث و استكشاف الذات فيستهلها شاعرنا بالتساؤل عن الأنا؟ و منذ البداية ندرج هذا الطرح في خانة الأطروحات الوجودية الذهنية حيث البطل الوجودي يشد الرحال للبحث و ملاحقة ذاته و التعرف عليها ......و هذا يفترض أننا نجهل ذواتنا على الأقل لا نعرف مكنوناتنا ...و قديما قال سقراط الفيلسوف العظيم" أعرف أني لا اعرف شيئا" ........
و دعانا لمعرفة ذواتنا قائلا" إعرف نفسك بنفسك "...هذه المهمة هي بالفعل شاقة و عصية على المفكر . و هذا ما أخذه الشاعر على عاتقه ليتعرف على ذاته . فمن هو إذن ؟؟...من أنـــــا؟ و هذا البحث في الحقيقة في مضمونه له رهانين أولا معرفة الذات لذاتها و الوقوف على ما به تكون كذات قائمة في الوجد و العالم و هو ما يسمى لحظة إكتشاف الذات بالمعنى الهيجلي.....و لحظة ثانية هي لحظة و تلي الأولى ضرورة هي إنكشاف الذات للآخرين و للعالم..... فكيف إستطاع الشاعر القيام بهذه الرحلة الشاقة البحث عن الحقيقة و معرفة ذاته .........رحلة التعرف و الحقيقة ان صح القول و هذا فلسفيا ما يتوق اليه المفكر ...و أول إجابة هي التالية قائلا
: أنا "آخر نهاياتي
تجي أول بداياتي.."
هذا التعريف للأنا من قبل صاحبها : يدعونا للتوقف و النظر منتهى الإبداع حينما نجد هذه يقدم النهاية على البداية من ناحية و من ناحية ثانية البطل الوجود و هو يخوض بنا رحلة شاقة يقدم لنا تديدين في قمة التناقض و هي البداية و النهاية و كاننا في رحلة استرداية من النهاية نحو البداية من الآني ؛ الحاضر نحو الماضي ...فنحن سنتعرف عليه بينهما بل في آخر نهاياته تاتي بداياته ...منتهى الروعة و منتهى التمرد على الزمن و التسلسل المألوف في البدء بالبدايات .........هذه الأنا آتية من أوجاع و أهات الزمن .......مثخنة بالجراح و الدموع و الهم ......فبطلنا في صراع و مواجهة مع الزمن و الحياة و هذه معركة الإنسان في الوجود ...فيتجلى لنا البعد التشاؤمي للقصيدة . مما يحيلنا على ارهاق الذات و احباطها . هذه المعاناة الوجودية ترسم لنا صورة مأساوية يائسة ...دمرت حياة الذات و آمالها ...فهي صرح الألم و الحزن ......صرخة اليمة ... و قد أبداع الشاعر في مراوحته بين التناقضات لنفهم الأنا و مدى توترها و تبعثرها في هذا العالم و نحن نعلم أن البطل الوجودي كما مع الفلسفة الوجودية هو هذا الكائن الذي يلقى في الوجود و هو مطالب بتحديد مصيره و رسم مشروع وجودته بلغة جون بول سارتر..........الظلمة و الإضاءة ..استثمر ذلك بدقة رائعة ( الشمس -البدر - النور -شمعاتي ) كلها في سبيل التغلب على الصمت و انكسار الذات و قتامتها ......فنصل الى ذروة المعاناة و المأساوية ........و الإحباط...و التشاؤم..... حينما يُقتل داخل الذات و يغتال البوح و الكلمة و الصدق ...يتحطم عنفوانها و إقبالها على الحياة .........فماذا تكون الأنا؟؟ غير حطام إنسان عصفت به الأوجاع و النوائب تداهمه من كل حدب و صوب ...و يواصل شاعرنا نزيف قلبه و نبض وجدانه ترافقه آهاته و أوجاعه ... كما تجدر الإشارة الى عنصر الزمن و الزمنية فنحن كائنات متزمنة في الزمن الذي يخترقنا من الداخل و يمارس علينا سلطته و هذا ما يحيلنا إليه الشاعر من خلال قوله:
" تجاوزت الزمن لعل اللي
رحل.. عنى ... يأتي
تخطيت العمر بدرى....
وضاعت منى أوقاتي "
هذا العزف على الزمن و المسافات أبدع في رسمه شاعرنا الموهوب .....تجاوزه للزمن كيف يكون اذن؟؟؟ إذا لم يكن بالطموح و الأمل رغم التشاؤم الطاغي على القصيدة فان الأمل يبقى بصيص ينبثق في ثنايا الماساة ....و نستشف حسرة من الشاعر عما ضاع منه من حياة و عمر دون ان ينال مبتغاه و خاصة رسمه للفكر و تأملاته على دفاتره و نبض حرفك ...و ربما يكون التساؤل أعمق لأن الطرح هنا ليس طرحا فرديا بقدر ما هو طرح إنساني كلي أي يهمنا جميعا( يمثل قاسم مشترك بيننا) .... فكل منا مطالب بتحديد مصريه و رسم مشروع وجوده ...هذا المنحى فينومينولوجي وجودي ...مفعم بثقل الإنسان في الوجود و الواقع ........ فاذا كانت الحياة تشرف بنا على الضياع و التيهان .....و اللامعنى فما الجدوى منه ؟؟ ما قيمتها ؟؟ ..ما الجدوى من أن نعيش حياة تدمرنا و تشرف بنا على العدمية ؟؟؟؟؟؟؟؟و هنا يستحضرني سؤال المفكر الفرنسي ألبار كامو " هل الحياة جديرة بأن تعاش؟؟....... اذا كانت سيزيفية مدمرة ...هل نتكلم عن ذات عن إنسان أم عن حطام انسان مشتت و تتقاذفه المصائب و تستنزفه الأوجاع؟؟ من كل حدف و صوب أينما يولي وجهه يجد المعاناة . و يواصل شاعرنا تعريف ذاته و لكن بشكل طريف و رائع فيعود للتساؤل من أنا؟؟ و هي قصيدة مغلقة انتهت بنفس البداية ...و هذه الحيرة الوجودية في أرقى معانيها و معاناتها... و كما اشرنا سابقا ينبجس الأمل حينما يعتبر أنه الآتي ...في الغد البعيد ........فلم تكتمل معرفتنا بذواتنا لم يكتمل و لا تتوقف روح التجدد و الأمل ..........كما لا يتوقف نبض الإنسان في الوجود و الحياة ...فلا نبلغ معرفة نهائية بالانسان و هو هذا الكائن الزئبقي كلما حاولنا تحديده ينفلت منا و نعيد البحث من جديد...... رحلة وجودية كونية للانسان في الوجود و في معانقة للذات و إمكاناتها...منتهى الشكر لك استاذنا الفاضل وأارجو ان تتقبل قراءتي المتواضعة و تتضمنه من تأويلات أرجو قد وفقت في ملامسة و لو جزء بسيط مما تحمله قصيدته من نبض و بوح ...و الأكيد نحن في الإنسانيات لا يكون التأويل إلا نسبي جدا ...
لك مني كل التقدير أستاذنا الفاضل محمد صبري.
قصيدة الشاعر: محمد صبري
.......................
من أنا ؟؟
**
**
أنا آخر نهاياتي
تجي أول بداياتي
وأنا اللي من صميم الجرح
وآهات الزمن آتي
تركت بآخر حدود الهم بعضي
وبعضى ظل في ذاتي
بنيت من الألم صرح... عالى
يحكم معاناتي
تطل الشمس من شباك عيني
لجل يدفي النور دمعاتي
تغيب الشمس عن جدران قلبي
أقوم أشعل آاااااه شمعاتي
يطل البدر يبهر وجد قلبي
وصمت أهاتى
يغيب البدر ينكسر قلبي ..
ويقتل بوحي.. سكاتي
تجاوزت الزمن لعل اللي
رحل.. عنى ... يأتي
تخطيت العمر بدرى....
وضاعت منى أوقاتي
تحياتي
أنا الراجع مسافة...مابقيت
أعرف مسافاتي
أنا الطامع كفافه في وصول
أدنى قناعاتي
أنا الماضي التليد اللى
سجنته في كتاباتي
أنا الغد البعيد اللي عتقته
بيد أبياتي
أنا مافى.... أنا لكن
أنا الآتي
تحياتي تحياتى تحياتى !!
عن Unknown
0 التعليقات:
إرسال تعليق
دام الابداع والرقي فى التواجد نسعد دائماً بعطر تواجدكم