مجله أدبيه؛ثقافيه؛إجتماعيه ؛شامله.. .

رمضان العلالقة@@@قصه قصيره

قصة قصيرة 
الحــــــــالمة 
الجــــزء الاول
بقلم / رمضان العلالقة
^^^^^^^^^^^^ 
في الريف الأخضر و بين قراه المتناثرة , تجد هذه القرية الصغيرة , التي لحق بها التقدم العمراني , و في أحد شوارعها الضيقة تجد هذه الدار القديمة ذات الباحة الواسعة , كأنها تخلفت عن ركب التقدم الذي غير كل شيء حولها , أو أنها تقف كشاهد يشهد ما كان يدور بين أركانها و شوارع و أزقة هذه القرية الصغيرة 0
تسكن هذه الدار امرأة كبيرة و متداعية كأنها طلل لزمن بعيد , ترى على وجهها ردح زمن طويل , و أيام ظلت تدور عجلاتها المتجبرة بكل قسوة و عناد , كأنها تعمدت ألا تترك هذه المرآة حتى تجعلها كحطام أمرآة , فكانت كمذنب أبت الأيام أن تعفو عنه ظلماته و أفكاره السجينة 0
فهي تعيش بمفردها في هذه الدار القديمة ذات الباحة الواسعة , و التي تنبعث منها رائحة الزمن , تقف كأثر يشهد مأساة هذه المرآة الكبيرة المتداعية , أو أنهما صديقتان تعاهدتا ألا يفترقا مهما قسي عليهما الزمن 0
استيقظت في الصباح بعد أن باتت ليلة شديدة البرودة و الشمس أخذت تبعث بنورها و دفئها على الكون كأنها تبعث الحياة من جديد فتبدد الظلام و ذاب البرد القارس 0
خرجت العجوز إلى باحة دارها الكبيرة المتهالكة , افترشت قطعة من الفراش العتيق , جلست عليها و ألقت بظهرها إلى الجدار المتآكل في مواجهة لنور الشمس و دفئها , كأنها تذيب ثلوج الزمن الذي تراكم على كاهلها لأوقات طويلة .
أخذت العجوز تشطح برأسها ذو الفراء الأبيض في الماضي , كأنها تسبح في بحر هائج لا شاطئ له , أو أنها تقلب بين ثنايا صفحات الزمن و تتذكر أنها كانت فتاة جميلة قوية البنيان و طويلة القوام , يتدلى شعرها على كتفيها كظلام الليل , فكانت تمشى على الأرض في ثقة كملاك عظيم , أتى ليبارك الأرض و ينثر الجمال في كل أرجائها , فهي أمنية و غاية لكل شاب0
إذن من ذا الذي يتسلق أسوارها المنيعة ؟ 0
من ذا الذي يعلو قلاعها الحصينة ؟ 0
حينئذ أخذت العجوز تهز رأسها هزات خفيفة , و ترسم على شفتيها الذابلتين بسمة ساخرة و تتذكر زوجها المتوفى منذ أكثر من عشرون عاما , حينما تقدم لخطبتها بكل تخلفه و تحجره , و الذي لا يمتلك من الثقافة غير موروثاته من العادات البائدة ,فهو أيضا يكبرها بفارق كبير , لكنه يمت بصلة القرابة لأمها التي أصرت على زواجها منه رغم رفضها القاطع 0
إنه لا يعلم إلا أمثلة قديمة يسوقها أثناء حديثه كأدلة و براهين يثبت بها ما يقوله و ما يتطرق إليه الحديث , بل يعتز بها اعتزازا يفوق كل اعتزاز .
أخذت العجوز تهز رأسها مرة أخرى و هي تخاطب نفسها قائلة ( الله يرحمك يا أمي ) و يتردد صوت أمها في أذنها ( ما عندتاش بنات تختار هتتجوزيه غصبا عنك ) عجزت الفتاة أمام تسلط الأم و إصرارها على إتمام هذه الزيجة , بعد أن فشل كل رجاء و توسل من بعض أشقائها الذين انشقوا في هذا الأمر أيضا , فأيقنت أنه القدر الذي يدفعها إلى ما لا تحب , فليس أمامها إلا أن تستجيب لهذا القدر العنيد 0
و أتي يوم الزفاف و تم فيه عقد القران , وسط جمع كبير من المدعوين الذين تبادلوا عبارات التهنئة مع أهلها , الجميع يرسم على وجهه بسمة مجامله كأنهم يتزينون بها , و النساء أخذن يزين العروس في غرفتها بكل أدوات الزينة و الجمال , يبرزن مواقع جمالها فأصبحت كلوحة أبدع فنان في رسمها و نسق ألوانها بعناية كبيرة فكانت رمزا للجمال 0
الحــــــــــــــــالمة
الجـــــــــــزء الاول
بقلم / رمضان العلالقة
4/8/2014
شاركها في جوجل+

عن Unknown

0 التعليقات:

إرسال تعليق

دام الابداع والرقي فى التواجد نسعد دائماً بعطر تواجدكم